محمد محمود البطاينة
خضنا في المقال السابق في سرد عدة ظروف تؤثر على التداول لكنها خارجة عن سيطرة المتداول، وهنا يأتي السؤال: هل هنالك ظروف مماثلة يمكن للمتداول أن يتعامل معها بنفسه أو بمعنى آخر تقع ضمن سيطرته وتحكمه؟ نعم بالتأكيد، وفي هذا المقال سوف تتعرف إلى مجموعة من التفاصيل والسلوكيات التي قد تؤخرك عن تداولك الموفّق الناجح, وبلا شك الإبتعاد عنها يطور من أسلوبك في التداول، وهذه السلوكيات هي:
1. عدم تطبيق إدارة مخاطر مالية صائبةتحدثنا سابقاً عن أهمية تعلّم وممارسة سياسية مخاطر مالية في تحولك إلى متداول مهني، وحتى يتحول التداول بالنسبة لك إلى مهنة، إن امتلاك أساس نظري وعملي للتعامل مع رأس مالك، وكيف تستثمره يجنبك دون الوقوع في فخ الخسائر الفادحة. فكلما ترسخت لديك أهمية تطبيقات إدارة المخاطر كلما تطورت كمتداول.
2. الإفراط في التداول أو نقيضها التردد الزائدإن تجربة التداول في بعدها العاطفي والإنساني تشبه السير على الحبل، كل انعدام للتوازن قد يكون شديد الخطورة، ولذا فإن الافراط في التداول يقود المتداول نحو المضي في قرارات غير صائبة، لأنه يوصل المتداول نحو وجهة واحدة وهي خانة الطمع غير المحمودة العواقب، تلك الخانة التي يؤدي كل ما يصدر عنها من قرارات إلى الخسارة والمزيد من الخسارة.
وعلى النقيض، فإن المبالغة في الخوف والتردد لها نفس المصير، لأن المتداول المتردد سوف يكون محروماً من الدخول في الكثير من التداولات، مما سوف يؤدي به إلى خسارة حتمية.
3. عدم تدوين سجل لكل حركة في التداوليجب أن تمتلك سجل ! هذا أمر حتمي ولا بد منه، عند الدخول بأي عملية تداول يجب أن تدوّن كل التفاصيل المتعلقة بها من الأسباب والأهداف والسقوف وغيرها، وعليك أن تسجّل كيف تحركت الأمور مع هذا التداول، وحتى مصيره الختامي سواء كان ربح أو خسارة، وجود هذه الملاحظات ومراجعتها بشكل دائم سوف يعطيك صورة أوضح عن نفسك وعن الأخطاء التي ارتكبتها وأية تفاصيل اضافية أودت بك نحو الربح أو الخسارة.
4. التقصير في التحضير الصباحيإن أول ما يجب أن يكون عليه روتينك المهني كمتداول هو مراقبة ما يحدث بالأسوق وتحليلها قبل اتخاذ القرار حول الدخول بأية صفقة، هذه الخطة الصباحية سوف تضعك في المكان المناسب لباقي يوم العمل الخاص بك. وهي تجنبك كذلك من الإنفعالات والقرارات المتسرعة المحتومة بالخسارة على المدى المتوسط والطويل.
5. إهمال كونك يقظاً متوازناً رائقاً، وفي كامل قواكالتداول عملية تتطلب متابعة وذهن متيقظ وحالة عقلية وعاطفية سليمة، لذلك لا بد لك من وضع تقسيم مناسب لوقتك، وأخذ قسط كافي من الراحة، لأن التعب قد يؤدي بك إلى اتخاذ قرارات خاطئة، لا تسمح لشيء أن يؤثر على لياقتك الذهنية فهي كما أسلفنا في مقالات سابقة هي رأس مالك، لا تتداول وأنت مرهق، وأنت متوتر، وأنت خائف، وأنت غاضب، وأنت منفعل، وأنت نعسان، وأنت تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو أية أدوية قد تؤثر على سلامة خياراتك.
6. عدم ممارسة اللياقة البدنيةقد يظن البعض ما العلاقة بين اللياقة والتداول، لكن الالتزام بنظامٍ تغذية صحيٍ صحيحاً وممارسة الرياضة له تأثير حقيقي على التداولات، لأن أية مشكلة صحية قد تؤثر على صحة الخيارات، ولأن الرياضة تعطي نشاطاً ذهنياً وتخلصك من التوتر. لذلك ننصحك بأن تخصص وقتاً كافياً للرياضة واهتمامًا أكثر بسلامة نظامك الغذائي، ومن ضمن ذلك عدم الإفراط في تناول المنبهات كالقهوة والشاي التي صحيح أنها تقدم لك يقظة لكن الإفراط فيها يؤدي إلى حالة من الهجومية غير المحببة.
7. عدم التحلّي بالانضباط والإلتزام بالقواعدحتى لا تقع فريسة لنفسك الأمارة بالسوء وحتى لا تجرفك المشاعر، خذ قراراً بالالتزام بالقواعد والأرقام والخطط التي رسمتها لنفسك قبل البدء في التداول، هذا الالتزام هو مكسبك الحقيقي، وهو وسيلتك لتصبح متداولاً أفضل كل يوم.
8. اختيار الأوقات الخاطئة للتداولالتعامل مع وقت التداول بمنطقية، هذا هو المقصود باختيار الأوقات الصحيحة، لأنه ليس من المنطقي أن تختار تداولات باليورو أو الباوند الإسترليني مثلاً الساعة 3 صباحاً بتوقيت غرينتش عندما يكون السوق في أوروبا ذو سيولة منخفضة وبينما القارة الأوروبية نائمة، اختر وقت التداول بناء على فعالية ونشاط السوق المستهدف قدر الإمكان.
9. التعامل مع التداول كهوايةينبغي أن يؤخذ التداول بجدية، وأن يكون الانخراط فيه كمهنة وليس كهواية، تعامل مع الموضوع كحرفة، امتلك كل الأدوات المعرفية والمادية للنجاح بها، اختر كل شيء بعناية، وهنا لا بد أن ننصحك بارتداء قطعة ملابس او اكسسوار معين وربطه بالتداول، هذا السلوك قد يساعدك على الدخول في منطق الالتزام المهني، فالطبيب يرتدي الروب والجراح لديه الزي الملائم للعمليات والمهندس لديه قبعة الحماية، أنا شخصياً لدي قبعة أرتديها كلما بدأت التداول حتى تساعدني على التركيز في عملي كمتداول.
10. التقليل من أهمية تطوير النفساذا كان المنطق العملي هو الأخذ بالأسباب فلا بد لك أن تأخذ بأهم سبب من أسباب تنامي مهنتك كمتداول، وحتى تتراكم نجاحاتك يجب أن تتنامى قدراتك، تطوير ذاتك سواء بالمعارف أو المعلومات او باكتساب المزيد من الخبرة، سوف تجعلك تمتلك قدرات أفضل في التعامل مع السوق في المرات القادمة
مع التزامك بكل نصيحة من هذه النصائح سوف تمضي في تداولك نحو المزيد من التطوّر، لكن ما عليك الانتباه له أن هذا الالتزام يجب أن يكون مقترناً بك طالما تنظر إلى التداول كمهنتك، وأن الاستدامة والاستمرارية في أخذ كل هذه العوامل بعين الاعتبار والانتباه إلى مغبة التغافل عن أي منها، ولذلك نقول أن التزامك بالنقاط سالفة الذكر هو تأشيرتك في رحلة التداولات الموفقة.