سلسلة الطمع والخوف(2 )
محمد محمود البطاينة
تحدثنا في الجزء الأول من هذه السلسلة، عن عدة صفات وسلوكيات يكون الدافع خلفها كون المتداول يعاني من طبع الطمع، هذا الطبع الذي يشكّل خطورة كبيرة على سلامة تداولاتك، أو بالأحرى على احتمالات مضيّك واستمرارك في هذه المهنة.
في هذه المقال نكمل حديثنا عن نفس الموضوع، بما يتيح لك الفرصة دراسة نفسك، ومعرفة اذا كنت متداولاً ذا طبع طامع:
1.تغيير أمر وقف الخسارة
يتهرب المتداول ذو الطبع الطامع من الخسارة عبر عدة أساليب من ضمنها تغيير موقع أمر وقف الخسارة (Stop loss)، وهذا التهرّب بكل أساليبه ينبع من طبع الطمع، لأن الشخص الطامع لديه بعض الإفراط في تقدير الذات ولأن المتداول المفرط في الأنا سوف يبقى دائماً يرفض أن يكون مخطئاً أو أن يُشكك في تحليله للسوق، ولذا إن كنت تمارس التداول بطبع الطمع، ستجد أنك قد تقوم بشكل مستمر بتغيير أمر وقف الخسارة (Stop loss) كلما شعرت أن الأسعار اقتربت منه، لأنك هنا تحس بأن الأمر يمسّك شخصياً وتريد الانتصار لنفسك حتى لو على حساب أحد ثوابت التداول وهو عدم تحريك أمر ايقاف الخسارة والمثبّت بناء على إدارة المخاطرالمالية.
الإفراط في تقدير الذات هي احدى أهم إشارات الطمع، وهي إحدى الصفات الكامنة لدى المتداول ذو الطبع الطامع، حيث أن تضخيم الأنا في الحياة بشكل عام وبالتداول على نحو أخص، سوف تجرّك نحو منطقة الخسارات.
2.التداول بدون أمر وقف خسارة
في تغيير أمر وقف الخسارة يمارس المتداول ذو الطبع الطامع، القفز عدة مرات أسفل السعر أو أعلاه كي لا تقع الخسارة التي تجرح الأنا لديه، لكن قد تجد عند المتداول ذو الطبع الطامع تصرّفاً أكثر تطرفاً حيث لا يضع أمر وقف الخسارة من أصله.
المتداول ذو الطبع الطامع قد يأخذ تداولات دون تحديد أمر وقف الخسارة، كأنه يريد أن يرتاح كلياً من القلق على الأنا لديه، إذا كان لديك هذه العادة فتوقف عنها، وحدد أمر وقف الخسارة بشكل مسبق، ولا تتجاوز عن الالتزام والانضباط به.
3.إغلاق التداولات قبل الوصل للهدف المحدد
تترك الأنا المتضخمة آثاراً متعددة على تعامل المتداول ذو الطبع الطامع في السوق، ومن ضمن ذلك قيام بعضهم بدافع إشباع الأنا بإغلاق تداولاتهم قبل الموعد المحدد مسبقاً، وذلك حتى يحرس هذا المتداول غروره وحماية قناعته بأنه على صواب ولا يمكن له أن يخطئ، هذه القناعة التي قد تكون أهم عنده من أن يتم التداول وفق أصوله.
صحيح أن هذا الأمر يبدو بدافع الخوف على رأس المال، لكن هنا الخوف مختلف؛ فهو خوف على نفسه ونظرته لنفسه من أن لا يكون على حق طيلة الوقت.
4.الوقوف على الجليد
قد ينجرف المتداول ذو الطبع الطامع بعد تداولاً واحداً ناجحاً أو عدداً محدوداً من التداولات نحو خيالات وأحلام سوف يحققها، فلل وسيارات وربما طائرات سوف يشتريها، في القريب العاجل، نتيجة اعتقاده الحتمي بالنجاح والتمييز في أسواق التداول.
بما معناه أن هذا المتداول يقف على أرض من الجليد، تخدعه بثباتها، ولكنه عاجلاً أم آجلاً سوف يجد نفسه يحاول النجاة من تحطيم هذه الأرضية، لأن نجاح التداول هو احتمال وليس حقيقة مؤكدة، فهو نجاح على المدى الطويل وليس القصير أوالمتوسط، ولأن التداول يتطلب منك الانضباط وليس الاعتداد بالنفس، وهو يريد منك الصبر والهدوء وليس الجشع واللهاث خلف الثروة بدون تخطيط أو ضوابط. فهو نجاح
5.التداول بناء على الاحساس
بمقدورك في حياتك اليومية اتخاذ الكثير من القرارات بناء على إحساسك بالارتياح أو النفور، لكنك لا تستطيع فعل ذلك في التداول، لأن كل تداول تخوضه هو بمثابة أن تكون سائق قطار، أنت مجبر على اتباع التعليمات بحذافيرها الالتزام بالسكّة، ومحطتي البداية والنهاية وما بينهما من محطات التوقف، أنت ملزم بأن تكون يقظاً بشكل دائم، هذه هي وسيلتك كسائق لقطار التداول أن تصل محطتك المرجوة، وليس من خيار لدى سائق القطار أن يغير مساره أو محطة وصوله بناء على احساسه الشخصي لأن السكّة يجب أن تحكمه، كما تحكم الضوابط المتداول.
تحدثنا حتى الآن ضمن هذه السلسلة عن كيفية التعرف اذا كنت متداولاً ذو طبع طامع، وسنكمل لك في الأجزاء القادمة عن طبع الخوف والذي أيضاً يشكل خطورة بشكل مختلف على التوازن الذهني للمتداول.
في ختام الأجزاء المخصصة لطابع الطمع، أتمنى أن تكونوا قد استفدتم وأود أن أوجه لكم رسالة شديدة الأهمية (نحن نتداول تجنب المشاعر وليس الأموال، ما تحس به ينتج عنه نجاحك أو فشلك في التداول، والطمع هو أشبه بفخ تضعه لك نفسك التي تأمرك بالسوء والخسارة).