كل متداول هو محلل بالضرورة، لكن العكس ليس صحيحاً !

January 14, 2021

يتعامل الكثير من المتداولين مع كلام المحللين، على أنه ذو تأثير كبير أو أن كلامهم أشبه بواقع حتمي الحصول، أو قد يبدو للوهلة الأولى أن المحلل هو في مرتبة أعلى في السلم المهني بحكم الحديث النظري المنمق حول مواضيع أقتصادية متباينة.

لكن على أرض الواقع، وبين أروقة التداول العملي يكون المتداول صاحب تجربة أكثر عمقاً، بحكم عدة عوامل أهمها أن المتداول يخوض التجربة باللحم والدم، يغوص في موج السوق المتلاطم، يجري عدة تمارين ذهنية ليكون في حالة أنضباط عاطفي مثالية، المتداول في الميدان بينما المحلل في المكاتب والأستوديوهات.

التداول ليس بيعاً وشراءً فقط، التداول هو نمط حياة، وطريقة توجيه نفسي، عموده أن يعرف المتداول نفسه، أن يدرك مواطن الضعف فيه فيقّومها، ويعي زوايا القّوة في شخصه، فينميها ويستفيد منها، فالتداول في أساسه هو تحدي معرفة مفاتيح شخصيتك، لأن المتداول وفي كل مرة يجلس أمام الشاشة سيكون في دوامة من التحليل والشك والخوف والطمع وعليه أن يجدف خارج الدوامة، ويضبط ويوازن حالته كل هذا لأجل التداول الصائب.

وللتأكيد فالتداول الصائب هو ليس الربح فقط، بل هو التداول – كما أسلفنا في مقالات سابقة – ضمن وعي وانضباط وتوازن ذهني يرقى إلى المثالية، هذا التداول حتماً سوف يؤدي إلى النجاح والذي يؤدي إلى أرباح مادية ومعنوية كبيرة.

في الختام أودّ أن أسرد قصة بسيطة على لسان أحد المتدربين في أكاديميتنا، وهو محامي صلب وذكي، بعد التدريب وخلال شهرين من التداول جائني قائلاً (لقد اكتشفت في شخصيتي  صفات لم أعهدها، حتى بعد أن وصلت سن 42 عاماً، لم أكن أعلم أنني أمتلك كل هذا التردد بينما في حياتي أنا لست متردداً..) ثم سرد الكثير من الصفات التي اكتشفها في نفسه بواسطة التداول.

نعم التداول يكشف أموراً في داخلك أنت لا تعرفها، وبعد التداول لوقت ستصل لمرحلة إدراك لماهيتك وذاتك وعقلك الباطني، ستعرف إن كنت شجاعاً فعلاً أم أن الظروف فرضت عليك ذلك، وهل أنت حريص أم أنك في الحقيقة متهوّر، لذلك فالتداول مهنة اشتباك يومي مع الذات و الأحداث.

ومن سوء حظ أي محلل لا يمتلك صفات المتداول الناجح، إن قرر خوض تجربة التداول من موقعه المعرفي النظري، لأن هذا الموقع ينطوي على شيء من الغرور والغرور يعمي، لا يمكنك أن تفوز في التداول وأنت مغرور، لا يمكن لمن لا يراجع ذاته و يدرسها أن ينجح كمتداول، ولا يمكن لمن يحلل الأسواق حتى يحصل على راتب في آخر الشهر، أن يكون كتحليل الذي يتداول ويكافح الظرف والنفس حتى يصنع دخله بنفسه.. الأمران ليسا سيان ولا يكونا.

*مستثمر أردني ومتمرس في التداول ووكيل لأكاديمية ايزي تريدر العالمية في الأردن

Share This Article

Login

This is a dedicated login to access Mohmmad Al-Batayneh official website. If you are not authorized to access please navigate back to the main website by closing this popup.