لا أتوقف في كل نصائحي للمتداولين عن مكافحة مشاعرهم السلبية، وخاصة الطمع؛ لأنه لا يوجد صفة تجلب الويل لصاحبها مثله، الرجال قد يقضون على أموالهم وحريتهم ومستقبلهم وحتى على حياتهم في بعض المواقف بدافع الطمع، كما أنه وكما يقال حتى ينجح المحتال فهو ليس بحاجة منك لأكثر من طمعك.
في هذا المقال نوضح لكم عن وسائل احتيال قد يسلبكم فيها الطمع قدرتكم على التوازن والتفكير بعقلانية، وعدداً من الاستغلالات الشريرة لقطاع التداول لخدمة أغراض الاحتيال عليكم، وغالباً ما يكون المتداولون المبتدئون أو من تكبدوا خسارات أفقدتهم القدرة على التوازن هما الشريحتين الأكثر استهدافاً لعمليات الاحتيال، وهذه الوسائل هي:
- احتيالات الأرباح المضمونة
لا يحمل لك التداول مهما كانت خبرتك وعداً بربح ثابت، إذا سمعت عن أي عرض للتداول بالنيابة عنك برأس مالك مقابل نسبة ربح ثابتة مهما كانت تبدو لك معقولة، حينها عليك أن تشك ولا تطمئن بتاتاً للعرض، لأن التداول قائم على الإحتمالات ويكون العمل فيه بناءً على محاولات لجعل هذه الإحتمالات منحازة لنا أكثر.
ويستثنى من هذا الأمر شركات التي تعمل وفق المحافظ الوقائية أو صناديق لتحوّط ( Hedge Fund ) وهي شركات تستخدم صناديق استثمار يستخدم سياسات استثمارية متنوعة لجني العائدات بأساليب مرخصة وقانونية لضمان مستوى ربحي معين، وهو الذي يؤهلهم لأن يقدموا وعود بنسب ثابتة بشكل نسبي للمستثمرين معهم، هذا النمط من الاستثمار يجب أن يكون مرخصاً ومراقباً من الدولة وله سمعة نجاح قبل المجازفة بالاستثمار معه.
- الدفع مقابل الإرشادات
يدخل بعض المتداولين التداول من منقطة الراحة، ويستخدمون أدوات يظنون أنها تسهّل عليهم عمليات التداول وتضمن لهم أرباح جيدة، لكنها في الحقيقة تفعل العكس، ومن ضمن ذلك الاشتراك بخدمات signals أو الإرشادات، وهي خدمة مدفوعة بشكل شهري مقابل أن يصلك توجيهات واضحة للشراء والبيع بناء على قرارات سطحية للسوق، لأن النتائج الصحيحة قيمتها أكبر بكثير من أن يشاركها أحد مع الآخرين، ولو كانت كل التوجيهات صحيحة لاشترك مقدمو الخدمة بها وحصدوا أرباحاً تفوق كل ما يوجهونكم نحوه.
- الروبوتات (التداول باستخدام الذكاء الاصطناعي)
ومثل حالة الإرشادات فالتداول باستخدام الأنظمة الآلية، هي خدمة يقدم على الاستفادة منها الكثير من المتداولين وهي باختصار أن تقوم بالاشتراك مع شركة تقدم أنظمة أو ربوتات تقوم بعمليات التداول كاملة بالنيابة عنك، وفيها يتم إغراءك بالجداول البيانية لكل روبوت والتي تظهر أنه يقوم بعمليات تداول مهولة النجاح، في الحقيقة هذه الجداول البيانية خدّاعة لأنها بشكل ما مجتزّاة وتتناول جزء من عمليات التداول وهي ما يسمى بعمليات المغلقة فقط، أي أنها حقيقية لكنها غير مكتملة، بينما تكون العمليات السارية والتي لم تغلق بعد تحمل خسائر كبرى، خسائر أكبر من أو تساوي ما يعلنه الجدول البياني من الأرباح الوهمية!
- المخططات الهرمية (هرم بونزي)
هذه وسيلة احتيال رائجة وقديمة ومعروفة، ويحمل اسم واحد من أكبر المحتالين في التاريح الأمريكي (تشارلز بونزي) والذي استخدم هذا الأسلوب في بدايات القرن العشرين عبر بيع طوابع بريدية رسمية، وجمع الأموال من الناس مقابل هذه الطوابع، لكن أسلوبه ورغم انكشافه وسجنه ظلّ فعالاً طيلة هذه السنوات حتى اليوم، لكنه يأخذ أشكالاً مختلفة.
في التداول يقوم المحتال بتقديم نفسه كمتداول محترف، ويعرض عليك أن تساهم معه بمبلغ بسيط (100 – 1000) دولار، مقابل نسبة شهرية ثابتة، في الشهر الأول تحصل على ربح، ويظل هذا الربح مدراراً في الأشهر التي تليه، حتى تتحول أنت إلى وسيلة ترويج وجمع أموال له، وعند نقطة معينة ومبلغ معين يجمعه منك ومن أقاربك وأصدقاءك ومن حولهم، يأخذ الأموال ويهرب بها ويترككم في حسرة وخسارة بسبب الطمع.
- التداول بالنيابة عنك
الوسيلة الأخيرة هي أن يعرض عليك أحدهم أن يعمل بحسابك مقابل مبلغ معين أو نسبة شهرية معينة، يطرح عليك نفسه وفق مبدأ الشريك المضارب في التجارة، كن أكيداً أن هذا احتيال، لأنه لو خسر كل شيء فهو لا يتحمل أية خسارة، وقد يستخدم في التداول أساليب مقامرة، ولذا إن ربح سيأخذ حصته وينسحب، أما إذا خسر التداول فسوف تتحمل أنت الخسارة وحدك وتعود وأنت تحمل أعذاره الواهية.
كانت هذه بعض أساليب الاحتيال الذي لا ينتهي، ولعلها الأساليب الأشهر والأكثر استخداماً، نخبرك بها لأننا نريد أن تكون في أمان دائم كمتداول، وأن تنمحي الصورة النمطية التي ربطها المحتالون بمهنة عظيمة مثل مهنة التداول.. لن يخاف أحد على رأس مالك مثلك، ولن يحسن إدارته شخص مثلك، إلا في حالة كنت تريد الاستثمار في التداول بواسطة مضارب أو متداول، كن وقتها متأكداً من أنك تتعامل مع متداول مرخّص من الدولة التي تعيش بها، ويخضع لقوانينها ويمتلك سمعة جيدة في مجال عمله.
*مستثمر أردني ومتمرس في التداول ووكيل لأكاديمية ايزي تريدر العالمية في الأردن