تخيل لو أنك تدخل امتحاناً ما، وتخرج بنتيجة 35 من 100، هل تتخيل أن هناك من يقول أنك بتلك النتيجة تعتبر ناجحاً؟! طبعاً لا، لأن ما يحصل في تربيتنا منذ نعومة أظافرنا، أن علينا أن نحصل على النتائج الأعلى، وأن النتائج الأقل هي للفاشلين، الأمر لا يقتصر فقط على الدراسة، حتى على التجارة والأستثمارات الحياتية المألوفة.
لكن قطاعاً وحيداً يبشّرك بالكثير من العائدات حين تجلب نسب نجاح تعادل 35%، وهو التداول.
في التداول اذا كنت تجني 50% نجاح في تداولاتك فأنت إنسان أكثر من رائع، وحتى نسب تصل إلى 40 أو 35 بالمئة تظل نسب مُجدية ومرُضية فعلاً، لكن هذه النتائج لا تكون مرضية إلا عندما تدخل التداول بعقلية وحالة ذهنية منضبطة ومتوازنة ومتلائمة مع أصول التداول الناجح مثل مهارات إدارة المال والمخاطر التي تجعل التداول خالياً من الإجراءات العشوائية، والانضباط في المشاعر وردّات الأفعال، والصبر على الأهداف والمغريات، والمواظبة على التعلّم كل يوم.
التداول كما اتفقنا أسلفنا سابقاً، هو مدرسة ومهنة تعلّمك الكثير عن نفسك وعن محيطك، تجعلك ترى الأمور من منظور خاص جداً، ولكن في مدرسة التداول لا تعني النسب المئوية المرتفعة للعمليات الناجحة أن المتداول ناجح وأنه يحقق أرباحاً مرتفعة، على النقيض من ذلك ففي التداول كلما ارتفعت النسب المئوية قل مقدار العائدات مقارنة بمقدار المخاطرة، والعكس صحيح تماماً فالنسب المئوية الأقل تدل أن العائدات أكبر من مضاعفات مقدار المخاطرة، لذلك قد يجني متداول ما نسب نجاح تصل إلى 90% وتكون هذه النسب مؤدية لفشل ذريع.
المشكلة أن الأغرار أو المبتدئين أو حتى المتداولين المفتقدين للتوازن الذهني سوف يتعاملون مع دروس التداول وامتحاناته بمنطق الحياة السائد، وحين يجنون نسب نجاح حول أو أقل من 50%، يكللهم الإحساس بالفشل والذي ينتج عنه ردات أفعال غير مدروسة، أشهرها هي تداولات الانتقام، أو التداول الناتج عن الطمع أو الحماس الزائد.
لا بد من الهدوء بشكل دائم، حتى تنجح في جعل التداول مهنتك، وأن تغير نظرتك تجاه الكثير من الأمور خلال وجودك أمام الشاشة، أهمها أن الخسارة بمفهوم التداول ليست كالخسارة بالمفهوم المتعارف عليه، وأن الربح قد يكون خسارة إن تم التعامل معه دون ضوابط وأصول التداول سواء قبل الربح أو بعده.
حين تدخل مدرسة التداول يجب أن تكون جاهزاً للتعلّم، لاكتشاف أفكارٍ جديدة عن هذه المهنة، عن نفسك، الكثير من المفاهيم التي سوف يكون حتمياً عليك مذاكرتها وتذكير نفسك بها، العديد من التصرفات الحكيمة أمام أشد زوابع الإغراء أو الخوف أو الطمع أو حتى الغضب الشديد.
ادخل التداول كتلميذ، لا تدخله بمنطق الخبير المغرور، لأن الغرور سوف يقضي على مسيرتك المهنية كمتداول.
*مستثمر أردني ومتمرس في التداول ووكيل لأكاديمية ايزي تريدر العالمية في الأردن