يُخطأ الكثيرون الظن بعمليات التداول المالي في أسواق الفوركس، حيث يغلب على هذا القطاع المهم أفكاراً ليس لها أساس من الصحة، وتنبع جميعها من تجارب عشوائية لم ترتكز على أرضية معرفية واحترافية صلبة. ولعل ما حدث في المملكة قبل أكثر من عقد من عمليات احتيال كبرى مدفوعة بأحلام المال الكثير السريع المريح، هي التي وضعت فكرة تداول الفوركس في الأردن على المحك، وأساءت لسمعة التداول ربما حتى وقتنا الحاضر.
ومن منطلق أنني تعلمتُ هذا المجال، واجتهدت في كسب المعارف بين يدي مؤسسات وخبراء دوليين، واشتغلت به واكتسبت خبرة ومراساً في التعامل معه، وقمت بنقل هذه العلوم والمعارف لهواة ومحترفين آخرين، فإنني أنوي وآخذ على عاتقي أن أطرحه بين يدي الجمهور الأردني بكل صدق وأمانة وتجرّد، بعيداً كل البعد عن المبالغات، والأفكار النمطية، ومن صلب تجربتي كمتداول يتعامل مع هذا الحقل المالي التجاري كعمل ومصدر رزق، تماماً كما يتعامل أي انسان مع عمله ومصدر رزقه.
إن التداول سواء في فوركس أو في سوق الأوراق المالية، عملياً هو مهنة، وليس ضرباً من المقامرة أو تجريب الحظ، وحين نقول مهنة فنحن نعني بذلك كل الأشتراطات والمراحل التي يمر بها الناس حتى يصلوا لمرحلة امتهان مهنة معينة، فعلى سبيل المثال لو كنت تمتهن مهنة المحاماة الآن، أو كنت تنوي امتهانها فأنت أمام مسار من المحطات لا يمكن أن تحيد عن أي محطة أو تتجاوزها.
عليك في البداية أن تمتلك كل الأدوات المعرفية النظرية الممكنة، وبعد ذلك أن تنال تدريباً عملياً لدى محامي آخر سبقك في الخبرة، وبعد أن تكتسب الخبرة الكافية تقوم بامتلاك مكتبك وقضاياك الخاصة، ويسبق ذلك كله أن تحب المهنة، وأن تكون شغوفاً بها ومنصاعاً للصفات والضوابط التي تفرضها عليك.
الأمر عينه في مهنة التداول، عليك أن تمتلك الأساس النظري والفكري الكافي وبعد أن تتوفق أو تتفوق به، يجب الأنتقال إلى المرحلة التالية وهي أن تتدرب تحت أشراف متداول أطول منك باعاً في مجال التداول، قبل أن تقوم بتجربة التداول كمحترف ومستقل.وحتى بعد خوضها كمتداول مستقل أمامك طريق طويل من التعلّم واكتساب المعارف والخبرات حتى تصل لمنطقة الأبداع واستغلال هذه المعارف لتحقق دخلاً.
المشكلة أن فكرة التداول مرتبطة بمفهوم الثراء السريع، وهذا أبعد ما يكون الواقع، لأن الشيء الوحيد الذي يحقق الثراء السريع هو المقامرة، وهي على الأغلب تأخذك في منحنى لا ينتهي من الخسارات الضخمة والمتتالية قبل أو بعد الربح، أما التداول فهو تجارة، وهذا ما يدل عليه المصطلح باللغة الانجليزية (Trading) و معناه الاتجار، ولا أحسب أن هناك تاجر واحد على وجه الأرض يتعامل مع التجارة إلا كمصدر كسب مشروع يحققوا له الدخل المتراكم الذي قد يؤدي للثراء المتعاظم.
يعرف كل تاجر في عقله الباطن أن عمله قائم على هامش المغامرة، وأن التجارة -كما يُشاع عنها أنه – ربح وخسارة، الأمر ذاته في التداول، أنت سوف تربح وقد تربح بشكل ممتاز وبنسبة ربح كبيرة، لكنك قد تخسر أيضاً، التداول في صورته المجردة هو عمليات بيع وشراء قائمة على عدة صفات وعوامل وإلتزامات وشروط يجب أن يغرسها المتداول في ذاته، وهذه الاشتراطات سوف نفرد لها مقالات أخرى للحديث عنها.
ان كنت تفكّر في اختيار مسار عمل مختلف، والالتزام بكونك متداول محترف في الأسواق المالية والفوركس، عليك أن تكون متيقناً أنك تتعامل مع وظيفة، وأنك تاجر عليه أن يخوض عمليات تجارية كثيرة محفوفة بالتمحيص والتمعّن، باستثمارات مالية مدروسة، قبل أن تمتلك تراكماً يجعلك ترى التداول على حقيقته: وهو أنه ليس ضربة حظ أو يانصيب أو لعبة قمار.
*مستثمر أردني ومتمرس في التداول ووكيل لأكاديمية ايزي تريدر العالمية في الأردن